.

.

كانت لي جارية

Wednesday, March 14, 2012



كانت لي جارية
لم أبتعها ولم تُهدىَ إلي
كانت لي جارية
على غير عادة الجواري الحِسان
لا تُناديني بسيدي
ولاتستجدي مني رضائي
ولا تتهلل فرحا كلما حان لقائي
ولا تُقبل التُراب الذي يخلفه نعلي في وداعي
ولا تجزع لي إن أصابني شر من حاسِدِ إذا حَسَدّ
ولا يشغلها مني حالي إن صلح منه أمري أو فسد

كانت لي جارية
لا تسُر عني ساعة ضيقي
ولا تُبلل برضاب ريقها جفاف شوقي وريقي
ولا تُشاركني جلسات السمر واحتساء  القهوة من فناجيني
ولا تُعاقر معي خمر قواريري 
ولا تعزف لي على أوتار قيثارتها ألحاناً تسحرني وتشجيني
ولا تصدح وتشدو لي بغناء يطربني
ولا تشنف سمعي ببيتٍِ  من شعر فاجر كان أو عفيف

كانت لي جارية
 لاتُقبل مني يدي أو كتفي أو جبيني
ولا أرَى منها وجه صبوح أو لحظ عينين بسهم يرميني
ولا تصرعني بهمجية شفتين وحشيتين نضرتين طريتين ولا بهما تُحييني
ولا تكشف لي منها عن أطراف ناعمة فلا كفين نُقشا وخضبا بالحناء ولا كعبين تزينا بخلخال لرنته نغم تنفرج له اساريري

كانت لي جارية
لا تُبدي لي زينتها ، ولا تلتف بإزار من حرير يشف عن قد ممشوق ولحم أبيض شهي ، أو صدر فيه نهدين كفحلين رمان ، أو خصر نحيل  أو بطن تزينت بوردة سُرتها ،أو ردفان ثقيلان وأفخاذ مستديرة وساقين من مرمر تُبهرني بهما وتغريني

كانت لي جارية
لاترقص لي لأرى جسدها يحترق ويثور وتلف وتدور وتجلس وتقوم وتبتعد وتقترب وتتمايل وتتهادى وتنحني علي فيلامس صدرها صدري وأرى منها ما يرضيني

كانت لي جارية
لا تُعانقني ولا تُقبلني ولا تُرضعني من  نهديها ولا تجلس بين ساقيى متكئه إلى صدري فأضمها بشمالي ويميني

كانت لي جارية
لا تُلاطفني ولا تُلاعبني، ولا تخلع عني ثوبي لنغتسل سوياً داخل حوض عطر ماءُه بالورد والياسمينِ

كانت لي جارية
لاتعرف الطريق إلى مخدعي ولا تسبقني إلى سريري
ولا تنتظرني منبطحة على ظهرها أو على وجهها ودلع وغنج في صوتها ورغبة ووهج في أهاتها يستحلفاني ويستعجلان قدومي

كانت لي جارية
لاتمارس الجنس معي فلا إختلطَ مائي بمائها ولا إستحللت فرجها ولا لعقت بلساني كل موضع من جسدها  بل ولم تنم ليلة واحدة في سريري

كانت جارية
على غير عادة الجواري الحِسان
وقد يتعجب ويتسأل العامة والخاصة والقاصي والداني والحاضر والغائب والعفي والعليل والطيب واللئيم والفيس بوكيين والتويتريين والمدونين، وإن كانت جاريتك ليس لها معك فعل الجواري مع أسيادهن فماذا تفعل لك جاريتك إذن..؟
وهم في إصرار يتسألون جاريتي من تكون....؟
فأقول لهم ولكم  
جاريتي التي لا إبتعتها ولم تُهدَ إلي
ولم أعتقها 
ولم أنكحها
 ولم أقضي منها وطراً
هي ( كانت )
نعم فجاريتي هي ( كانت )
( كانت ) التي تسكن معي لغة الماضي في قصور دفاتري وأسطري وهوامش صفحاتي
( كانت ) التي تسوق قطيع كلماتي المتراصة في ربوع تدويناتي
( كانت ) التي تزاحم خواطري وحديثي عن ذكرياتي
 ( كانت ) تلك هي جاريتي وتلك هي خصالها
فعل ماضي ناقص أوتام ، والتاء ضمير متصل بكل ذكرياتنا المفرحة والمبكية في محل رفع عن حاضرنا وواقعنا الذي نحياه لنظل نردد دائماً في حديثُنا..كانت... وكانت .... وكانت


حسن أرابيسك