.

.

رفيقة عمري

Monday, January 30, 2012



كذبتُ سمعي
كذبتهم...لعنتهم
كَبُرت كلمةً تخرجُ من أفواهم إن يقولونَ إلا كَذباً
طار عقلي،كدت أن أجن
وهم يخبروني على هاتفي الخلوي بإنتهاء أجلها
تركت الدنيا كلها خلفي وهرعت إليها
فالدنيا عندي بدونها لاتساوى مثقال ذرة
أخبروني من قبل
أننا أصبحنا على مشارف إفتراقنا
فكل مجتمع إلى فراق
أخبروني من قبل
أنه لم تعُد تجدي معها المُسكنات
وقد آن لها أن تستريح
أخبروني من قبل
أن ماتبقى من عمرها قليل..أيام معدودات
فكل شروق إلى مغيب
أعترف أنني على فترات متباعدة
كنت أشعر أن الوهن نال منها وأنها تئن أحياناً
لكنها كانت تبدو لي دائماً قوية.. صلبة.. عفية
تعاند الزمن وقوانينه
من أجل البقاء لفترة أطول معي
لم يخطر في بالي يوماً أنها سُتقهر
وتتخلى عني مُرغمة
وترحل قبلي عن تلك الحياة
دوماً كان إعتقادي أنني سأسبقها وسأرحل قبلها
كيف لي أن أقضي بقية عمري دونها
كيف لي أن أستيقظ من نومي دون أن أراها أمامي
تُلقي على عمري تحية الصباح فأستبشر خيراً
كيف لعيني أن تغفل في ليلها
وقد إعتادت أن تكون هي أخر من تراها
فتهدأ نفسي وتطمئن
كم شعرت معها بأنها قد تبنتني بعد وفاة والداي
وبأن حنانهما وعطفهما لم ينقطعا عني بعد رحيلهما
لذلك كنت لاأطيق البُعد عنها أوقاتاً طويلة في أسفاري
فكم كانت سعادتي وفرحتي ولهفتي
كلما عُدت إليها كطائر مُتعب مُنهك مشتاق
يحن لحضن ودفء وملمس عشه
لم تتململ مني يوماً كلما ضاقت بي الدنيا
وعصرني الحزن وفاض دمعي
فأهرب إليها أجالسها أشكو لها
فأمامها ومعها
يتبدد قلقي
وتهدأ أفكاري
وتتحرر أدواتي
وتتعرى لوحاتي
وتنكشف أحوالي
وتهجرني وساوسي
وتتبدل ملابسي
فمعها وأمامها وحدها
لا أكترث بجسدي عارياً كان أو مستوراً
اليوم كم كان المشهد قاسيا وصعبا
حاولت أن أكذب يقظتي..بأنه حلم
حاولت أن أكذب عيني..بأنه وهم
أراها أمامي وقد تهاوت وانهارت على الأرض
مكومة على نفسها
وهي التي رأيتها دوماً منتصبة شامخة عزيزة
فكيف أصبحت على هذا الحال
كدتُ أن العن الدنيا بمن فيها
إستغفرت الله..إستسلمت لقضائه
ولكن... منذ تلك اللحظة
شعرت حقاً باليُتم وبالوحدة وبالإغتراب
بعد أن فقدت رفيقة عمري
حيطان منزلنا العتيق 

حسن أرابيسك

رحيل أصلان عن خلوة الغلبان

Monday, January 9, 2012

رحل أصلان عن خلوة الغلبان بعد إصابته بنزلة برد وكأنه في وفاته يكتب لنا مشهد قصصي مثلما أعتاد أن يلتقط لنا في قصصه لحظات زائلة من حيوات بسطاء الناس من دون أي إفتعال ، يحكي أصلان عن بشر عاديين في لحظات استثنائية، عن بيت قديم ـ مثلاً ـ تُصدر جدرانه رنيناً مفزعاً وغير مفهوم الأسباب، عن طفل يسقط ميتاً من الدور الرابع، عن عجوز يحتضر وهو يحاول أن يلتقط بلسانه قطرات من عصير الليمون، عن رجل تموت زوجته بعد قليل من سماعها صوت هاتف يرن في عمل درامي على شاشة التلفاز، فتكون آخر عبارة تقولها هي “حد يرد على التليفون يا أولاد”، حكى مرة عن قدم رفيق قُطعت لأسباب طبية، وكان مقدراً على البطل أن يحملها بمفردها ليدفنها في المقابر.