.

.

عروسة خشب

Tuesday, September 23, 2008







الظلام سيد المكان إلا من ضوء خافت تسلل عبر نافذة صغيرة لغرفة العرائس الخشب " عرائس الماريونيت " ليكشف عن وجه لعروسة خشب تتدلى في فراغ الغرفة المحيط بها ، وجه يحمل فم صغير وأنف دقيق وعينان واسعتان إمتلأ بحزن عميق يصاحبه حُلم يراودها كل ليلة أن يمتلك جسدها الصغير من القوة و القدرة على تحريك كل أجزاءه الخشبية دون وسيط ، أن يمتلك ذاتية حركته وقتما يشاء وفي أي إتجاه ، فتصبح يوماً خارج تلك النافذة بل خارج مبنى مسرح العرائس كله بعيدة ومتحرره من تلك الخيوط التي تتعلق فيها
وفي ليلة من أشد الليالي حزنا وألماً لها، رأسها منكسة لأسفل، نظرها صوب الأرض..تمنت لو تستطيع البكاء ولكنها كانت تعلم أنها عروسة خشب لاتملك من دموع البشر دمعة واحدة لكنها أصرت على البكاء ولو بغير دموع، ظلت ساعات ليلها على حالة الحزن التي أصابتها ورغبتها الشديد ة في البكاء ، وفجأة تنبهت..!! شعرت بشئ لم تعتاد عليه من قبل ، شعرت بشئ غريب يتدحرج على أحد خديها..!؟ إنها دمعة سقطت من إحدى عينيها.. لم تصدق في بادئ الأمر لكنها أيقنت أنها دمعة ... دمعة حقيقية ، هنا أدركت أنها كانت تبحث في الإتجاه الخاطئ ، كانت تبحث عن خلاصها في جسدها ، ولكن الليلة وفي هذة اللحظة تجلت لها الحقيقة، رُفع الحجاب عن سر خلاصها، تبدد الضباب الذي كان يقطع عليها طريقها ، فأيقنت وأمنت أن الإرادة أقوى بكثير من المادة، ،أن الإرادة هي السيد وأن المادة هي التابع، لذلك قررت بإرادتها هي وحدها أن ترفع إحدى ذراعيها لأعلى لتتحسس بكفها الصغير دمعتها التي مازالت عالقة على خدها..وببطء شديد نجحت في ذلك..وببطء اقل من سابقه نجحت في تحريك ورفع رأسها المنكس لأسفل إلى أعلى، وبالتتابع إستطاعت أن تُحرك جميع أعضاء جسدها الخشبي قطعة قطعة حتى إكتملت لها سيطرتها على كامل جسدها
نفضت عنها غبار أحزانها، بدأت في رسم تفاصيل تحقيق الحلم بعد أن أصبح قابل للتنفيذ متأهباً كنسر منتصباً على حافة النافذة يُخبط بجناحيه مستعداً للتحليق ، أو كعداء على عتبة باب غرفتها إتخذ وضع الإستعداد للإنطلاق، ،كانت تدرك أنها لوأصبحت خارج حدود عالم مسرح العرائس لن يعرفها أحد ولن تتلقى التصفيق الحاد الذي تتلقاه كل ليلة كبطلة للعرض المسرحي ،ولن تكتب عنها المجلات والجرائد شيئا حول نجوميتها، ومع هذا آثرت أن تصبح صعلوكة متحررة تنعم بكامل حريتهاعلى أن تبقى بطلة على خشبة مسرح وهي مقيدة بخيوط ولا تملك من أمرها وحريتها شئ ، وعلى ضوء النافذة الخافت صديقها القديم وضعت خطة تحررها والخروج إلى حياة حقيقية تمارس فيها حريتها بعيداً عن أدوار البطولة الزائفة التي تفرض عليها قهراً

وفي الليلة التالية أعدت العروسة عُدتها ،قامت بتمزيق الخيوط التي كانت تقيدها من أطرافها، فتحت باب الغرفة متسللة عبر ردهات طويلة ومعتمة ،إجتازت الباب الضخم وحراسه ، تسلقت السور الحديدي المحيط بمبنى المسرح فأصبحت خارجه على ناصية شارع عمومي كبير عند مفترق طرق وسط المدينة حيث الأبنية القديمة والحديثة قد تجاورت وتعملقت حولها،لوحات الإعلانات تصرخ بألوانها وأضواءها النيون ،فتارين المحلات الزجاجية المنتشرة وقد تكدست خلفها البضائع المعروضة، الباعة المتجولين وقد تراصوا واحتلوا مساحات كبيرة من الأرصفة وما تبقى منها إختفى أسفل كتل بشرية تتحرك وتتداخل في إتجاهات عكسية ،الطرقات مختنقة بسيارات هدير محركاتها لا يهدأ ودخان عادمها لا ينقطع ، وقفت العروسة الخشب محملقة ،سرق مشهد المدينة عيناها، أزعجتها المدينة لكنها لم تخشاها ، وفجأة تنبهت بأن حارس أمن مبنى المسرح يعدو في اتجاهها ..يطاردها محاولاً الإمساك بها بعد أن اكتشف هروبها، فما كان منها إلا أن إنطلقت كطائرة حربية تلقت إشارة الإقلاع من على مدرجها، مصممة ألا تستسلم بعد أن خرجت للحرية ولفحها هواوْها.. ظلت تعدو تشق الزحام بجسدها النحيل الصغير .. تحاور وتناور داخل المسافات الضيقة بين السيارات ، تجتاز الشارع تلو الشارع.. تعبر من رصيف لآخر.. وفجأة ..سيارة مُندفعة.. تصدُم العروسه، تطيح بها في الهواء ... فتسقط العروسة على أسفلت الطريق جثة هامده إلا من أنفاس قليلة، كانت تدرك أنها تحتضر ولكن لم يزعجها ذلك قدر ما أزعجها وجهها القديم الذي رأته في وجوه المارة الذين تجمعوا وإلتفوا حولها وهي ملقاه على الأرض، فتخبرهم بصوت متهدج وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة أن الحرية لاتأتي على طبق من ذهب فللحرية ثمن باهظ وتضحيات ضخمة، وهاهي لم تنعم الا بدقائق قليلة من الحرية ولكنها دقائق بعمرها كله ، دقائق إستحقت منها أن تقدم حياتها ثمناً لها ، فتطالبهم ألا يضيع هذا المشهد من ذاكرتهم ، أن يرسموه على جدران بيوتهم ،أن يحرضوا أطفالهم على رسمه في كرساتهم، أن يحفروه على أسوار مدينتهم ،أن يدونوه على قصاصات صغيرة يلقونها من فوق أبراجهم ،أن يطبعوه في ملصقات على مركباتهم ، أن يصبح خبراً يوميا في جرائدهم ، أن يوضع على شواهد مقابرهم ،حتى يستعيدوا يوماً حريتهم، ويصبح لحياتهم معنى ، مثلما أصبح لموتها الأن معنى كبير ، وأنها لم تكن يوماً مجرد عروسة خشب
حسن ارابيسك

إطمئني

Saturday, September 13, 2008

سيدتي
سيدتي
إطمئني سيدتي
ستكونين لي وليس لجن أو إنس أوغير
وسـوف أدخـرلكِ كل ماتبقى لـي مـن العمــر
وأنـزع قلبي من صـدري ليكون الشبكة والمـهر
وألضـم لكِ من أنجمي عُقداً أضعه على أجمل صــدر
وكلمـات الحب في قلبي ستهيم حولكِ كفراشات أو طــير
=====إطمئني سيدتي=====
سأبني لكِ بيتاً دعائمه الصدق وحجراته الطيبه وفِراشه الخير
وأكون ببابك فارسك خادمك الأمين مُلبياً نداءك ومُطيعاً لكل أمر
في صباحك سيدتي سوف توقظك قُبلاتي تسكُب لكِ اللبنَ فوق التمر
وفي ليلك في مخدعك أطلق البخور وأكون تعويذتك من كل سوءٍ أو شر
وأصـير في سـمرك وتـراً ولحنـاً وجوقة تُطربك ونديـماً وسـاقياً وقنينـة خمـر
=======إطمئني سيدتي=======
ستكون أصابعي العشرة جواريكِ لتُخفف التعب عن جسدك من القدم إلى الشعر
وبكفي أمسح جسدك بالطيب والعود وزيت الياسمين والصندل وماء الزهر
وأكون معكِ على فراشك بجانبك أميراً وأسفل جسدكِ حريراً وأعلاه ثور
ومن ضلوعي أبني لكِ جسراً تعبرين فوقه كل ضيق أو وادي أو نهر
ويكون صدري جواد تمتطينه لتجوبي به مشارق ومغارب البر
=====إطمئني سيدتي=====
إذا شاء ربي لن أفترق عنك أبداً سنةً أويوماً أو شهر
وإذا حان الأجل سأدعو ربي أن يجمعنا سوياً قبر
========
=========
===========
==============