.

.

إسكتش

Tuesday, June 3, 2008



الحدث بينالي الاسكندرية
المكان قاعة العرض
اعمال فنية كثيرة ومتفرقة في أرجاء المكان
لوحات معلقة على الجدران
وجوه كثيرة.. خليط من فنانين تشكيليين،نقاد،أدباء،صحفيين،محبي ومتذوقي الفنون الجميلة.
آتىَ وحيداً..
يتأمل اللوحات المعلقة..
لوحات تطل منها ثقافات مختلفة تقفز خارج اطرها
لوحات ظلت مكانها أبت أن تقفز وأن تطل
لوحات تحمل لغة جديدة وبسيطة
لوحات تحمل أشباه اللغة تبحث عن هواة فك الطلاسم
لوحات جاءت مفتقدة للغة الحوار والتخاطب..جاءت فقط لتصرخ فيك
لوحات تأخذك بعيداً ثم تتركك وحيداًً
ولوحات جاءت تبحث عن هوية
لوحات جاءت تفرض هويتها
لوحات تبحث عن عشاق لها
لوحات تتطمح في أن يؤرخ لها
وما ان إنتهى من قراءة اللوحات.. تطلع إلى الوجوه الحاضرة عله يقابل أصدقاء قدامى لم يلتقِ بهم منذ زمن، وإذ بصوت خافت يهمس خلف إذنه ..هل تبحث عن شئ ما..؟ تسمر مكانه إنتبهت كل حواسه.. تجمعت ..إتحدت من أجل عملية بحث سريعة جداً داخل مخزن الذاكرة لديه
تكرر السؤال عليه..هل تبحث عن شئ ما..؟
صوت ناعم خافت جداً قادر على أن يجعلك ترى صاحبته من قبل أن تراها....معقول..!!.. يستديربكامل جسده مائة وثمانون درجة،فلكل مخزون في الذاكرة زاوية رؤية تتطلب درجة من الاستدارة تتناسب مع حجمه وضخامته، أصبحا وجهاً لوجه ،
أغمض عينيه وفتحهما متحققاً من حالته.. يقظة هي أم حُلم، ودَ لو يُمد يده ويتحسس ملامحها بأصابعه كي يستريح ويتأكد أنها هي بشحمها ولحمها وليست وهماً من أثر شراب بيرة تجرعها قبل أن يأتي فلعبت بعقله..كيف وهو الذي إعتاد على شرب مايفوق ذلك بكثير، وبعد أن إطمئن أنها حقيقة وليست بخيال أو لوحة زيتية أو جدارية مصمته ..
كُنتِ دوماً تعرفين أنني دائم البحث في حياتي.. إن لم تكن خانتك الذاكرة ..!
أطلقت نصف إبتسامة
لم تتغير كثيرا
رفع سبابته راسماً دائرة حول وجهه في الهواء
تقصدين ملامحي أم تقصدين....أنتِ أيضا لم تتغيري كثيراً..
الغريب أننا مازلنا نحمل نفس ملامحنا القديمة..!نعم..ولكن هل تغيرت المشاعر..؟ تبدلت..؟أم ظلت على حالها..؟
رفعت حاجبيها لأعلى وإتسعت حدقة عيناها
هذا سؤال غير مباشر منك.. تود أن تعرف إن كنت أحمل لك شئ في صدري. ؟
خُلقنا على هذ،ا دائماً نحمل أشياءً في صدورنا.. ولكن العجب أننا
نحمل أشياء لغيرنا..حب..كراهية..ود...جفاء.. بر..عرفان.. جحود .. تسامح ..غِل..عهد..وفاء
إذن أنتَ تعترف أنكَ مازلت تحمل لي شيئاً في صدرك..أيهم ياترى؟
هذا صحيح أنا لا أنكر ذلكَ
لا أخفي عليكَ سراً أنا أيضا مازلت أحمل لك شئ في صدري
أتعشم أن يكون خيراً..هل ستُخبريني ؟
ليس قبل أن تخبرني أنت أولاً
لا أنتِ أولاً
إذن ما رأيك أن نُمارس لعُبتنا القديمة في البوح..؟
افرج عن إبتسامة عريضة
كراسة الإسكتش..ياااه أمازلتِ تتذكرينها؟
نعم ألم تكُن لسان حالنا والناطق الرسمي لمشاعرنا من قبلإتفقنا ولكن لابد أن يكون بوحنا في مكان محايد ليس لنا فيه ذكرى سوياً
هذا أفضل لنا ..اتفقنا
وأفترق الإثنان على موعد..
وفي اليوم المحدد لبوحهما تقابلا ، جلسا على مائدة متقابلين كل منهما يمسك بقلمه الرصاص وكراسة الإسكتش..نظرا لبعضهما نظرة طويلة وعميقة وصمت رهيب يصاحبهما إجلالاً لتلك اللحظة ..لحظة يكشف فيها كل منهما عن مشاعره للأخر بعد سنوات مضت على إفتراقهما ، إنكفأ كل منهما على كراسته يرسم ويفتح القفص الصدري لديه ليطلق سراح مشاعره ... لم يمضِ وقت طويل حتى انتهى كل منهما من رسم لوحته.

حسن أرابيسك